عندما تتعرض حقوق الطفل للانتهاك فلا بد من ان يترك ذلك آثارا نفسية وبدنية ضارة به، قد تدفعه الى الانحراف او معاداة المجتمع او عدم امكانية الائتلاف مع قيمه ومعاييره، فيصبح بحاجة الى المعالجة ليستقيم وضعه، وهذه مسالة كانت تحصل في الاسلام من طريق احتضان المومنين له واستيعابه في مجموعهم.
واليوم تأتي اتفاقية حقوق الطفل لتوكد هذه الحاجة، فتنص في المادة (39) على ان: «تتخذ الدول الاطراف كل التدابير المناسبة لتشجيع التاهيل البدني والنفسي واعادة الاندماج الاجتماعي للطفل الذي يقع ضحية اي شكل من اشكال الاهمال والاستغلال اوالاساءة او التعذيب، او اي شكل آخر من اشكال المعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهينة، او المنازعات المسلحة، ويجري هذان من التاهيل واعادة الاندماج في بيئة تعزز صحة الطفل واحترامه لذاته وكرامته».
الخلاصة
يعترف الاسلام، كما بينا، بحقوق الطفل على اوسع نطاق، ولا يتحفظ على اي من المزايا التي اقرتها له الشرائع الحديثة، لاسيما الاعلانات الدولية، لا بل هو يتجاوزها بعض الاحيان، خصوصا في بابي الرحمة والامور ذات الصلة بالنظام العام.
ولايتعارض الاسلام مع الصكوك الدولية الا في امور محدودة.
ففي باب الرحمة وردت الاحاديث عن النبي
بشكل ملفت، فهو يقول مثلا: «احبوا الصبيان وارحموهم»((175)) ، كما يقول: «من لم يرحم صغيرنا فليس منا»((176))، وهو يامر بشراء الهدايا للاطفال((177))، ويتوسع ائمة المسلمين في حقوق الولد فيقول الامام علي بن الحسين
: «.. وحق الصغير رحمته في تعليمه، والعفو عنه، والستر عليه، والرفق به والمعونة له»((178)).
اما مسالة النظام العام، فقد راينا ان الامام عليا بن ابي طالب
، كما غيره من الخلفاء الراشدين، لم يكونوا يغلبونها على الحقوق الفردية والحريات العامة.
غير ان الامانة تقتضينا القول: ان الاسلام، وان يكن توسع في الضمانات في العديد من الابواب، الا انه حد من الحريات في مجال امكانية تغيير الدين، كما في مسالة الارث المتفرعة عن مسالة المساواة بين الجنسين.
على انه لا بد من التنبيه الى ان ما اثبتناه من مبادى اسلامية، لم يكن دائما معمولا به، بل هو حتى اليوم لا يزال بحاجة الى جهودكبيرة حتى يحترم.
وفي مطلق الاحوال، واذا كانت الاعلانات العالمية تركز، اضافة الى الحقوق، على الوسائل الكفيلة باعمالها لصالح الاطفال، فان الاسلام لا يمكن ان يقف حائلا دون استخدام هذه الوسائل، بل هو يحث على اعتمادها على انها مقدمات لواجبات لا يمكن تحقيقهامن دونها، ومقدمات الواجبات واجبات كما يرى علماء الاصول، واجبة كما الواجبات نفسها.ل في الاسلام