مصادقة الأبناء
منقولـ منـ ايمليـ
ربما يعجب الكثير لطرح مثل هذا الموضوع .. وربما تتردد بعض التساؤلات : هل من الضروري أن نصادق أبنائنا .. وهل بإمكاننا ذلك .. وإذا كان الجواب (نعم) .. فما طريقنا لمصادقة أبنائنا ؟؟
لنعلم أولاً أن مصادقة الأبناء من أهم الأمور التي يجب أن يهتم بها الآباء والأمهات ، وخاصة في هذا العصر الذي تكثر فيه المؤثرات وينتشر فيه أصدقاء السوء ، إلى جانب الخسائر الكبيرة التي نتكبدها في حالة إهمالنا لهذا الأمر ومنها :
1. إذا لم نصادق أبناءنا فإنهم سيرتبطون بأي صديق سواء كان هذا الصديق جيداً أو سيئاً ، بحثاً عن إشباع الجانب العاطفي لديهم ، وطلباً للاستئناس بالآخرين .
2. إذا فترت العلاقة بين الولد وأفراد أسرته فإنه قد يكره البيت والجلوس فيه، وإذا جلس في البيت يكون مصدر إزعاج وإيذاء لأفراد أسرته نتيجة لعدم استقراره النفسي ، وفقده للحب والحنان .
3. يلاحظ أن الشباب الصغار يتأثرون بعواطفهم أكثر من تأثرهم بعقولهم ، ويعجزون عن كبح رغباتهم ، وبذلك يستطيعة الأشرار اصطيادهم بسهولة من خلال تحريك مشاعرهم واللعب بعواطفهم .
ومع علمنا بخطورة هذا الموضوع ، وإدراكنا لأهمية مصادقة الأبناء لا بد أن نشير إلى صعوبة مصادقة الأبناء ، فمصادقتهم ليس بأمر السهل أو اليسير بل يحتاج منا إلى وقت وجهد وخبره واطلاع ، وتعود هذه الصعوبة إلى الفوارق الكثيرة التي بيننا وبينهم (فارق العمر ، فارق التفكير ... الخ ) .
فهذه الفوارق – بلا شك- تباعد بين الآباء والأبناء ، وتجعل عقد المودة معهم ليس بالسهل ، لذلك يعيش الأطفال بيننا في غربة موحشة فجيلنا يختلف عن جيلهم ولهم من الهموم غير التي لنا، ولن يتم التوافق الا بأحد أمرين إما أن ينزل الآباء إلى مستوى الأبناء ، أو يصعد الأبناء إلى مستوى الآباء، أما الأمر الأول فيمكن أن يتحقق ، وأما الثاني فهو شبه مستحيل ، لذلك ينبغي على الآباء والأمهات أن يقتربوا من أطفالهم لإيناس وحشتهم ، وسكب ينبوعاً من العواطف الجياشة عليهم ، وإشعارهم بأهميتهم ، والتعبير عن احترامهم وتقدير أعمالهم .. حتى يدرك الأطفال سر وجودهم .. ومعنى حياتهم ..
ومن الجوانب التي يجب أن تراعى في مصادقة الابن :
إعطاءه حرية الرأي والتفكير، وإشعاره بمكانته في المجتمع، والتعرف على هواياته وميوله ومحاولة ترشيدها وتوجيهها نحو الأفضل ، وينبغي على الآباء والأمهات أن يعلموا أن كثيراً من الأوهام عندنا هي بالنسبة للطفل حقائق ، كما ينبغي أن ندرك أن فم الطفل أكثر يقظة من عقله، فصندوق الحلوى أحب عنده من الكتاب الجديد، والثوب المرقش أحب إليه من القول المزخرف (هدية .. تحفة .. قطعة من النقود ... ) وينبغي على الآباء والأمهات البعد عن إحصاء ذنوب الأطفال وأخطائهم لأنها في الغالب أشياء طبيعية .
ونشير إلى أن الوسائل التي تقوي العلاقة بيننا وبين أبنائنا كثيرة جداً .. فتستطيع الأم – مثلاً – التعرف على مشاعر طفلها من حزن ومعاناة وتألم .. ومن خلال ذلك تستطيع أن تتعامل معه التعامل المناسب ، وإذا لم تتنبه الأم لهموم الطفل ومشاعره فقد يتسبب ذلك في حدوث عقد نفسيه للطفل ترى أثرها في المستقبل .
كما ينبغي أن تكون الأم قريبة منه لكي يحكي لها ما يدور في فكره ، فيتعلق الطفل بأمه ، وينظر إليها كمخلوق عظيم يستحق الحب والتقدير ، لثقته بقدرتها على حل مشاكله والتغلب على المصاعب التي يعاني منها .
في الأخير نشير إلى أنه لا يمنع مما سبق أن يكون لأبنائنا أصدقاء بل إن من الضروري أن يكون ذلك رغم ما قد يشوب تلك الصداقة من الشوائب ، ومع ذلك ينبغي أن نكون على معرفة بأصدقاء أبنائنا ، حتى نرشِّد تلك الصداقة ونوجهها الوجهة الصحيحة .
فيا ترى من هؤلاء الآباء الذين ظفروا بمصادقة أبنائهم ..
إنهم سعيدوا الحظ حقاً .. أولئك الذين وهبهم الله حسن التصرف، ورقة المعاملة، ولطف العبارة ، وسعة الخبرة والاطلاع .