الـنـ,ـسـر الـ,ـجـ,ـريـ,ـح & الحرية ! الحرية !!

النسر الجريح

تاقت نفس السجناء إلى رؤية ما يحيط بسجنهم المنعزل , ,

فاختلسوا النظرات من شقوق الجدران والأسوار إلى الفضاء الواسع والسهول والحقول المحيطة بسجنهم .

وما ظفروا الا بمناظر محدودة , , وما وقعت نواظرهم الا على بقعة من الأرض تعلوها الثلوج , , أو ناحية من السماء تغطيها الغيـوم . .

رأوا بسطة من سهول سيبريا الملأى بالأدغال التي تتدلى من أيدي السجناء وأعناقهم .
تلك حياة السجناء في منفاهم النائي القائم وسط سهول الكرغس على أطراف سيبيريا .

حمل يوماً أحد السجناء نسراً وجده بين حي وميت , , وأدخله إلى غرف السجن المظلمة , , اشفاقاً عليه وعلى جراحاته , , وأذيق ملك الجو حياة القيد والأسر . .
وكان هذا النسر قد أصيب بجرح في جناحه فأصبح عاجزاً عن الطيران والتحليق في أجواء الفضاء . .

فحمله السجين إلى غرفته ليسري عن عواطفه المكبوتة , وينفس عما يجيش أعماق نفسه من حب للحرية والانطلاق . . !

وحالما وطئ النسر أعتاب السجن اكمشت نفسه وتبدلت حالته , فأرخى جناحيه واتخذ له مربضاً في ناحية من زوايا السجن , ولف أعضاءه بجناحيه وفرد ريشه ليستر نفسه يواريها عن عيون السجناء . .

وكأن ملك الجو لم يرض بتلك الحالة ولم يقبل على نفسه هذا الانحباس المريع والتقيد الفظيع . . !

وكأن لسان حاله يقول : " ليس عهدي أن أسجن . . وما حياة الاسر تؤاتيني . . فالحرية ضالتي المنشودة , والفضاء الواسع مسرحي . . هذا منهاج حياتي ولن أقبل بغيره بديلاً " .

وانكمش النسر في زاويته , واتكأ على الجدار لا يبدي حراكاً , , وعبثاً حاول السجناء مداعبته او اخراجه من مربضه . .

وكان يرجئ تناول طعامه لوقت تغمض فيه عيون الحراس والسجناء فينطلق والرقباء نيام يلتهم قطع اللحم التي كانت ترمى إليه , , ويحرك أجنحته ليروضها قليلاً . .

وظل على هذه الوتيرة وهذا المنهاج من العيش حتى أشرف على الموت من فرط انقباضه وانكماشه , ,

فلحظ حالته الشاذة جميع اهل السجن , فصرخ أحدهم وهو يرسف في أغلاله وقيوده : " دعوا المسكين يموت في ظلال الحرية , فهو ليس مثلنا يستطيع أن يكيف نفسه , ويقبل حياة الاسر ويرضى بالعبودية , , هو طائر ألف الحرية منذ كان هيثماً " . وسرت أنفاسها في عروقه ساعة تلقب ملك الجوارح و سيد الطير . .

واستحوذت على السجناء فكرة تحرير النسر فتألبوا عليه , وحمله فريق منهم خارج السور , ورموه في السهول تاركينه لرحمة الطبيعة والمقادير . .

وسرى في نفوس السجناء لون من السرور وشاع الفرح فيهم لأنهم باعتاقهم النسر السجين عبٌروا عن رغبة مكبوتة في صدورهم . .

أما النسر الجريح فشد عزيمته وأنسته حياة الحرية جراحاته فأسرع في تنقله وسيره , وكنت تراه يبتعد عن السجن وجدرانه وهو لا يتلفت يمنة ولا يسرة , بل يسير قدماً حيث السهول الواسعة والاجواء الطليقة . .

وهتف السجناء وتهامسوا فيما بينهم مرددين كلمة الحرية ! الحرية ! ولسان حالهم يقول : " ما أحلى الحرية والعيش في ظلالها , فهي أنشودة الطير والانسان وأمنية كل مخلوق يدب على وجه البسيطة , فأين لنا بالحرية ونحن في مجاهل سيبيريا وسجونها " .

للكاتب الروسي دستويفسكي

هذه القصة اختيرت من روائع القصص العالمية التي وصفت بأسلوب فني رائع ورفيع , تركت اثرها الواضح على تاريخ الأدب القديم والحديث . .

همسة : القصة أو الرواية التي ذكرتها من نسج الخيال .

يسلموووووو يالغلا على القصه

يسسسسسلمو يالغلاا ع القصه..

ويعطيكِ ربي الف عافيه..

تحيـ روح الريم ـااتي..